الجمعة، 14 يونيو 2019

التربية الجمالية في شخصية "عبدالله ابراهيم اللويم"




إن الإحساس بقيمة الجمال قديمٌ سَبَقَ البشرية، شعرت به الملائكة من قبلنا، و يُروى أنّه بينما كانوا منشغلين في أعمالهم الموكولة من ربهم، إذ بسحابةٍ سوداء تخيم عليهم، وقد أرعبتهم، فتوسلوا إلى الله أن يفرج عنهم، فما كان من ربنا إلا وأتاهم بنورٍ قادماً يشقُ الطريق و أضاء لهم ظلمتهم( إنه نور أجمل مخلوقاته)، حينها استبشروا وفرحوا وانبهروا من ذلك النور، وفي هذا إشارة لتذوقهم وإحساسهم بجماله. فمخطئٌ من يحد الجمال وتذوقه والإحساس به بنشأة الطبيعة أو الإنسان على هذه المعمورة، بل سبقهم كثيراً. 
     كما أن الجمال سواء كقيمة أو كعلم (له مقاييسه ونظرياته) لا تنحصر موضوعاته على الجمال المادي المحسوس الذي نراه في الطبيعة، أو الحيوانات(والإنسان منها)، أو النباتات (والزهور من أجملها)، أو اللوحات الفنية أو غير ذلك من مادة المحسوسات ، بل تمتد موضوعات الجمال لتشمل المجردات والمعنويات، فالخلق الطيب، و العاطفة الجياشة، واللسان العذب، والنظرة الحنونة، كلها وغيرها من أنواع الجمال الذي ترتضيه الأذواق، وترتاح له النفوس. وحتى لا يخلو الحديث من مراعاة كلام ذوي الاهتمام، أذكر قول جون ديوي (والذي تزخر مكتباتنا بكتاباته الثرية):
"الجمال لفظ عاطفي، وإن كان يشير إلى عاطفة من نوع خاص".
ودليله على ذلك أن الإنسانَ ما إن يرى لوحةً جميلةً أو منظراً جميلاً، إلا ويعبر عن ذلك بملفوظات: ما أجمله، ما أحلاه. 
أما افلاطون (العصر اليوناني) فيقول عن الجمال: "أمر موهوم، موجود بالعرض". ويرى أن هناك عالم مثالي أسمى من عالمنا المحسوس، ويختلف عنه في ذلك أرسطو الذي يرى أن الجمال خليط من التناسب والتماثل والتوافق في الأشياء... ولا ندرك هذا الجمال إلا حين نحسن ذلك التوافق.

التربية و الجمال:
    التربية الجمالية تعبير يقصد به الجانب التربوي الذي يرقق وجدان الفرد وشعوره، ويجعله مرهف الحس ومدركاً للذوق والجمال، فيبعث في نفسه السرور والارتياح، ومنه يرتقي وجدانه، فتتهذب انفعالاته.   
   إن تنمية الحس الجمالي لدى الجيل من أهم متطلبات التربية القويمة، لأن الجمال وثيق الصلة بجوانب الشخصية، فالجانب الأخلاقي والاجتماعي والنفسي والعقلي والعقدي، جلّها ينمو ويسمو بالتربية الجمالية.
    لذا، حينما يعيش الابن في بيئة تُحب الجمال (بِشِقيه الحسي والمجرد) وتتذوقه وتنميه، تباعاً في المقابل سيلفظ ويستهجن القبحَ و مصاديقه. (حينما تربي ابنك على الصدق والتواضع لن تتعب في منعه من الكذب والتكبر).

إن التعرف على ماهو جميل، يتطلب من الفرد أن يتمتع بالقدرة على التحليل والتركيب والمزج والتداخل، وقياس التوافق والانسجام، وبالتالي التعرف على ماهو أفضل وأمتع للنظر وللذوق، وهذه القدرات تتنوع مابين بسيط (كما عند الطفل) وقوي (كما عند المتذوق الناضج).

أبو الفواطم و التربية الجمالية:

    رحم الله والده الحاج (ابراهيم محمد عيسى اللويم) و حفظ والدته النبيلة (أم محمد) اللذان غرسا في ابنيهما الغائب الحاضر (عبدالله أبو الفواطم) محفزات الجمال ومرتكزاته، و صفاته و سماته، حتى باتت المصاديق جليّة في سلوكه و تصرفاته، و في روحه و ميوله و اتجاهاته. 



وبفقد المنطقة لتلك الظاهرة الجمالية : حلّت الحسرة و الخسارة و التِيه لمجتمعٍ خلا من ذاك الشعاع الوضّاء و البلسم الأخاذ، فقد كان بشعاعه سبيلا يهتدي به العاملون الباذلون في طريق الخير، و بلسماً لألم المجتمع و جراحاته ،،،

ما أن تتأمل في حياته "رحمات ربي عليه" إلا و تكتض و تزدحم لوحة مسيرته بالمظاهر الزاهية، و الخصال النابعة من وحي التربية الجمالية التي حضي بها  أثناء نشأته في منزل الكرامة، و هنا أستعرض بعضا مما رأيت فيه "على الأقل" خلال العشر سنوات الماضية ، حيث شهدته و عرفته و قرأته:

شهادة على التربية الجمالية في شخصه وسلوكه:

شَهدْتُهُ غيورا حتى الألم:
يحب مجتمعه حبا جمّاً، و يتحمل من أجله المتاعب تحملاً لمّاً، والشواهد و الشهود كُثُر لا تحصى، لا يقبل و لايهضم مظاهر التخريب و العبث بمقدرات المجتمع و مؤسساته، بل يقاوم بمختلف الوسائل كل مايؤدي إلى ذلك، و الأكثر من هذا أنه يعيش الألم و الوجع حينما يرى بعض المظاهر غير اللائقة في مختلف الشؤون المجتمعية سواء على مستوى المؤسسات ، أو في زوايا المجتمع الحياتية الأخرى حتى يظهر عليه الهمّ و الحزن.
عَرَفتهُ معطاءً سخيا:
يده بيضاء، و عطاياه خفية، وحين ينفق يُنفق حتى الشَبع!
 ولدي في بعض مساهماته معرفةٌ بتفصيل، فعلى سبيل المقال حينما رسمنا ونفذنا مشروع مجلس تطوير العمل التطوعي و قد اعتاز المشروع للمال، بدون تردد أو تلكؤ استوعبت يدُه البيضاء جميع الاحتياجات المادية و قد كانت بالآلاف حتى أمسى العمل غير محتاج لدعم أحد. 
كما لمست الكثير من  مساهماته و في عدة سنين بدعم مؤسسات المجتمع المتنوعة و منها مهرجان الزواج الجماعي مسخراً وكالته الإعلامية ( تمازج)في خدمة الجميع، و ما أعلمه من خلال حديثه الخاص أو من خلال إدارة المهرجان أن عطاءه بعشرات الآلاف، فقد كان يعطي ويبذل بجود و سخاء و "بدون حساب" ، و حينما أعاتبه أو أناقشه( ومثلي كثيرون) يرد قائلا: هذا شيء يخصني أنا فحسب.


حَضَرْتُهُ متواضعا حيوياً:
فلا يدير لعمره المبارك أو مكانته الريادية أو ثقله المجتمعي أي أهمية أمام مشاهد الانسجام مع الصغار و المراهقين و الشباب في العمل الاجتماعي، بل و يمازح من حوله و يشاغبهم ليكسر خطوط الحياء و الخجل حتى أن من يراه يظن أنه على اختلاطٍ بهم منذ أمد.

رَأيتهُ شمعة تحترق من أجل النجاح:
يحرق ويذيب نفسه و جسده من أجل نجاح المبادرات و المساهمات النهضوية، ولاينتظر أي مردود اجتماعي، فالمهم و الأهم و المبتغى هو النجاح بالنسبة له، و ما إن يدخل معترك التنفيذ إلا ويسخرّ كل طاقاته للفوز بتحقيق الهدف المرسوم.
قَرأتهُ دقيقا متقنا :
نعم وكان يردد في مواطن العمل ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، والأغلب ممن شاركه أعماله الخاصة أو المجتمعية يعلم أنه يعمل بدقة و إتقان و يرفض الأعمال العشوائية الضعيفة.
فَهمتهُ زارعا ً لا قاطفا:
يظهر عليه العناء و الإرهاق في تنفيذ الأعمال الاجتماعية ، وبذات الوقت لا يحبذ البروز أمام الناس، وكما قال صديقه وأحد الشاهدين على مسيرته: د.صالح اللويمي في إحدى تغريداته :
"كان رساليا في وقت انشغل الناس بالدنيا و كانت له معاييره الصارمة في العمل التطوعي التي جعلت أعماله ارقى ما يمكن انجازه - يواصل ليله بنهاره في ساحات العمل و وقت الحصاد يبتعد بهدوء تاركا الثمار يقتطفها غيره"

رحم الله صاحب السجابا الجمالية الرفيعة، وجعله من السعداء. 

حررته في 10/10/1440






الخميس، 3 أكتوبر 2013

ماهو التوحد؟

التوحد:    
      يعد التوحد من الاضطرابات النمائية الأكثر شيوعا في الوقت الحاضر والتي يبدأ ظهورها خلال مرحلة الطفولة المبكرة ، حيث أن ذوي التوحد يعانون من قصور شديد في المهارات الاجتماعية، ومهارات العناية بالذات .
      في عام 1943 وصف الطبيب النفسي" ليوكانر Leo kanner  "أحد عشر حالة بأنهم يعانون من الذاتوية (التوحد) في مرحلة الطفولة المبكرة Early infantile Autism   وقد اعتبرهم مختلفين تشخيصياً عن الفصام وغيره من أشكال الاضطرابات الارتقائية (Volkmar&Cohen,1999).
    كما أنه قد تعددت المصطلحات حول مفهوم التوحد فقد أطلق عليه بعض الباحثين الذاتوية ،أو الأنانية(الحفنى، 1978) وهناك من يسميها الاجترار أو الإجترارية، أو اجترار الذات(الشخص و الدماطى، 1992) والبعض الآخر أطلق عليها مصطلح الإنغلاق الطفولى، أو الانغلاق النفسي(عماره، 1999 )، كما يسميها آخرون الذهان الذاتوى، أو التوحدية الطفولية(شعلان، 1979 )أو فصام الطفولة (سوين، 1979 )، وهناك من يسميها الأوتيزم أو الأوتيسية(الخطاب، 1991).  كما أن بعض الباحثين يطلق عليها متلازمة كانر Kanner’s Syndrome (الأشول, 1987  ).
     كما قيل عن التوحد على أنه مصطلح يشير إلى الإنغلاق على النفس، والاستغراق في التفكير، وضعف القدرة على الانتباه، وضعف القدرة على التواصل، وإقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، فضلا عن وجود النشاط الحركى المفرط(عبدالله، 2002).
     ويشيرالرخاوى(2003)إلى أن التوحد الطفولى نوع من الإنغلاق على الذات منذ الولادة حيث يعجز الطفل حديث الولادة عن التواصل مع الآخرين بدءا من أمه، وقد ينجح في عمل علاقات جزئيه مع أجزاء الأشياء المادية، وبالتالي يعاق نموه اللغوى.
       أما الجمعية الأمريكية للتوحد(1999)The Autism Society of America  فترى أن هناك سمات يتميز بها الفرد ذو التوحد هي: القصور في الاتصال اللفظي وغير اللفظي، التفاعل الاجتماعي و القصور الحسى للعب، حيث يعانى الطفل التوحدى من نقص في التلقائية أو اللعب التخيلى، ويحتمل أن يكون الطفل التوحدى شديد النشاط أو سلبى جدا (زيتون, 2003).
     وترى عسليه(2006) أنه عجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي وهو نتيجة اضطراب عصبي يؤثرعلى الطريقة التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ مسببة مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم  القدرة على الارتباط وخلق علاقات مع الأفراد، وعدم القدرة على اللعب واستخدام وقت الفراغ، ويحدث في السنوات الثلاث الأولى من العمر.
     ولم يظهر التوحد في الطبعة الأولى والثانية من الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقليةDiagnostic & Statistical Manual of Mental Disorders (DSM-III)   الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عامي 1952، 1968 وظهر للمرة الأولى في الطبعة الثالثة لدليل التشخيص الإحصائي الثالث عام 1980(Volkmar & Cohen,1999 ).
     ويشير هذا الدليل في الإصدار الرابع إلى أن التوحد يشمل القصور في الجوانب التالية:
1- قصور نوعي في التفاعل الاجتماعي .
2- قصور نوعي في التواصل.
3- سلوك نمطي ومتكرر وذخيرة محدودة من الاهتمامات والنشاطات (في: الشامي, 2004).

ومما سبق يمكن القول بأن مصطلح التوحد يدل على:

إعاقة نمائية، تصيب الأطفال في السنوات الثلاث الأولى من العمر، وتستمر مدى الحياة، وتظهر اضطرابات متعددة شديدة، خاصة في التواصل( اللغوي والبصري)، فهو منغلق على نفسه مع جمود عاطفي وانفعالي، واضطراب في الاستجابات الحسية للمثيرات، فهو اضطراب سلوكي واجتماعي وانفعالي وذهني، ومن  التعريفات السابقة يُلاحظ مايلي:

1-             أن الإصابة بالتوحد تكون خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل.

2-             ليس هناك اتفاق على المصطلح المستخدم.

3-    هناك انعزال واضح للطفل التوحدي عن محيطه مما يجعله يتأخر اجتماعياً ولغوياً وفي جانب التواصل والإصرار على مزاولة طقوس نمطية معينة.


المراجع:

الحفنى، عبدالمنعم .(1978) . موسوعة علم النـفس والتحليل النفسى . القاهرة  : مكتبة مدبولي.

الشخص، عبدالعزيز. الدماطى، عبدالغفار. (1992) : قاموس التربية الخاصـة وتأهـيل غـير العاديين. القاهرة:  مكتبة الانجلو المصرية.
شعلان، محمد. (1979) : الاضـطرابـات النفســية فى الأطفال( الجزء الثاني) . القاهرة :  الجهاز المركزى  للكتب الجامعية.
الشامي، وفاء. (2004- أ). خفايا التوحد أشكاله وأسبابه وتـشخـيصه. جدة: الجمعية   الفيصلية الخيرية النسوية .

سوين، ريتشارد. (1979) : علم الأمراض النفسية والعقلية (أحمد عبد العزيز :مترجم ) . القاهرة : دار النهضة العربية. 
الخطاب، عمر. (1991) . التشخـيص الـفارق بين الـتخــلف العـقلي واضـطراب الانتباه والتوحدية. دراسات نفسية، (الجزء الثالث) . القاهرة : دار النهضة.
الرخاوى، يحيى. ( 2003) : مخاطر استيراد الأفكار والمناهـج. شبكة العـلوم النفسية العربية،   www.arabpsynet.com    .
الأشـول، عـادل. (1987 ). موسـوعة الــتربية الخاصة. القاهرة : مكتبة الانـجلو.
محمد، عادل. (2002) . الأطـفال التوحديون دراسات تشخـيصية وبرامجـية. القاهرة:دار الرشاد.

عسلية، كوثر.(2006).التوحد. عمان : دار صفاء للنشر والتوزيع.

زيتون، كامل. (2003) . التدريـس لـذوى الاحـتياجات الـخاصـة. القاهـرة: عالم الكـتب.


Volkmar,F.,&Cohen,D.(1999). Autistic disorder. In R, Michels. ( Eds.)

       Psychiatry, Lippincott Company  Philadelphia , London , New 

      York ,Hagerstown ,Revised  Edition.



عبدالحكيم بن يوسف

الاثنين، 22 أبريل 2013

تعديل السلوك، فن ٌ ينبغي إتقانه(1)


تعديل السلوك، فن ٌ ينبغي إتقانه(1)

هل تعديل السلوك (behavior modification)، فن؟ ...
نعم إنه فن ..لكن هل تجاوز مصطلح الفن التربوي أو النفسي،  بحيث يُردف بكلمة علم؟ أم أنه لازال يعيش المراهقة العلمية ؟..
   أتساءل وله رواد مؤسسون، ومنظّرون،ومطورون، له قواعد واستراتيجيات عامة، وخطط وبرامج خاصة، وهذه إشارة يفهمها (شيوخ) التخصص.
    مجتمعي الكريم.. أين أنت من نشر ثقافة تعديل السلوك؟ هل لبَنَاتُك وأربابها محصنون دون العبث السلوكي؟ هل تخلو من ملامح الطيش والتلكؤ التربوي والتأخر النفسي والاجتماعي والديني والعقلي (باعتبارها جوانب الشخصية)؟!
   إن تعديل السلوك (قافلة) على النخب الاجتماعية توجيه عامة الناس للالتحاق بها ، وهو (نبتةٌ) على أرباب الأُسر زرعها في بيوتاتهم، وهو درسٌ على المؤسسات الاجتماعية والرسمية تدريسه، كيف لا؟ والحاجة بلغت أمسّها أيها المجتمع الكريم.
    
    ما بعد خطوة الشعور بالحاجة تتأتى متطلبات الشروع في نشر قواعد هذا المسلك ومناهجه والتي منها توفر المتخصص الناشر، والمستمع الواعي، والاستراتيجيات الموثـقة...
أما المتخصص فالجامعات بكلياتها، والمعاهد الإنسانية بأنواعها قادرة على تأهيلهم وتجهيزهم لخوض غمار هذا المجال، و بخصوص المستمع فيبقى الفرد في مجتمعي متعطش للتثقف والنصح و التوعّي، فكل مانحتاج جهود بسيطة من المنابر الإعلامية والدينية لمدى الحاجة لهكذا مجال وستجد أنه يلبي النداء، أما فما يتعلق بالاستراتيجيات فهي متناثرة بين صفحات الكتب ذات الشأن، وتنتظر من ينتشلها.
    كما أن تعديل السلوك أطّره المتخصصون بجملة أهداف قيمة توضح مساره أذكر منها  على عجالة: مساعدة الفرد على التقليل من السلوكات غير المرغوبة مثل (الكذب)، وعلى التوافق والتكيف مع البيئة (استفادة من التوجيه والإرشاد التربوي أو النفسي)، وعلى زيادة السلوكات المرغوبة مثل (التعاون)، وتحسين أساليب التعامل مع الفرد صاحب السلوك مثل (تنمية الحوار)، والتعرف على أسباب حدوث المشكلة التي أظهرت السلوك، وتحديد السلوك المُـشكل وضبطه والتحكم به من خلال التحكم بالمثيرات ونتائجها، كما يساعد على إشباع الحاجات (بالاستفادة من علم النفس) مما يحد من المشكلات (كالإحباط أو التوتر).
    إن حاجتنا لهذا المجال واستخدام تقنياته التربوية والنفسية غير مقتصرة على العيادة النفسية أو المركز التربوي بل تمتد الضرورة  لتطبيق أدواته في المنزل والمدرسة وكل ميادين الحياة التي يتواجد فيها السلوكات الغير مقبولة أو السلوكات المقبولة، علما أن هناك جملة معايير تُراعى للحكم على السلوك الذي نريد تعديله أو تبديله أو إزالته أو تشكيله منها المعايير النمائية(Developmental - Norms) و الفردية(الذاتية) (Individual - Norms) و الاجتماعية (ٍSocial - Norms) و الإحصائية (ٍStatistical - Norms) .
   فالمعايير النمائية وعبر تصنيفاتها المختلفة لمراحل النمو  يمكن التعرف على ما إذا كان السلوك منحرف عن تلك المرحلة الزمنية أم لا، فعدم حبو الطفل خلال السنة الأولى يعتبر تأخرا نمائيا ينبغي التعرف على أسبابه. كما أن المعايير الفردية يُنظر لها وتُؤخذ في الحسبان فما يصلح لفرد قد لا يصلح لآخر  إشارة للفروق الفردية والتي عادة ما تكون بعيدة عن تأثير المعززات و العقاب الخارجيين، وهناك المعايير الاجتماعية حيث يتم تصنيف السلوك وفقا للقيم والعادات الاجتماعية السائدة، أما المعايير الإحصائية والتي تعتبر تخصصية نوعا ما، وتهتم بتصنيف السلوك إلى مرغوب أو لا مرغوب بناء على القياس بطريقة كمية رقمية من خلال حسا التكرارات في قوائم التقدير أو المقابلة أو الملاحظة في فترة زمنية ...الخ، فهي كذلك في غاية الأهمية.في ضوء ما سبق يمكن إعداد قائمة من السلوكات المرغوبة أو غير المرغوبة  وفق معايير علمية واضحة .
عبدالحكيم بن يوسف العواس 1434

السبت، 20 أبريل 2013

(في منزلي موهوب) 
  
  انطلاقا من الدراسات (الغالية الثمن) التي تتكلم عن وجود رقم هائل يحكي واقع الموهبة المتجسدة في شخصيات أبنائنا الأطفال في مراحل نموهم المبكرة، والتي تذكر أن هناك ما لا يقل عن 70% من الموهوبين بين صفوف هذه الفئة، خصوصا فيما دون السنتين، أحبذ أن نسلط اهتماماتنا نحو هذه النقطة الذي يمكن أن تجلعنا نرتقي عروش التقدم بين الأمم مقارعين كبارها.
 للأسف الشديد تلك النسبة المذكورة شيئا فشيئا تبدأ بالتضاؤل والنقصان لتصل إلى رقمٍ هزيل لا يتجاوز 2%  بعد أن مرت السنون ووصلوا إلى سن المدرسة!!  
من الإطلالة الأولية للموضوع نعي بأن هناك ثمة خلل منهجي يعترينا سواء على مستوى التنشئة الاجتماعية الأسرية أو المؤسسات الرسمية التربوية حتى!.
ففي الوقت الذي أودع الباري جل شأنه الكثير من الاستعدادات النفسية والميكانيكية والفكرية للإبداع في شخوص أطفالنا نجد القليل منّا هم من يفعلون ويستغلون وينمون ويطورون تلك المهارات التي يحاول الطفل إبرازها ابتداءاً من خلال سلوكه الظاهري الذي يمكن ملاحظته وقياسه.

بطبيعة الحال، جلنا يعلم بأن الأمم والحضارات ماتقدمت وتطورت على يد الكسالى والنيام، بل نمت وعلت من خلال (فكر يتتوق) و(وسواعد تتفاعل)و (وأقلام رطبة تتوغل)، فهاك الحضارة اليونانية  ترى أنها خلدت بأنفاس افلاطون وأرسطو وغيرهم الذين جعلوا من أثينا انموذجا عريقا يقابل اسبرطة المتأخرة، ومن فينا ينسى غاندي زعيم الهند الحديثة الذي تعلم وطور جوانب شخصيته ليقود حضارته نحو الاستقلال والوحدة، فعلاما التخاذل في العناية والرعاية للموهوبين والمبدعين إذا كانت ملامح التنمية ترسم بريشاتهم، خصوصا في المراحل المبكرة التي تصقل وتبلور الشخصيات فيها، سيما و نحن أبناء الدين القيم الذي اهتم وعنى بالشخصيات الموهوبة أيما اهتمام فتعال اقرأ عن أسامة بن زيد الذي وكل رسولنا الكريم له قيادة الجيش على الرغم من حداثة سنه،فتعودنا من رسولنا الكريم تشجيع الطاقات والقدرات التي يتمتع بها الشاب المسلم.
يا أحبة وإن كانت لدينا مشكلة فيما قبل مراحل الرعاية الإبداعية لهؤلاء (أعني مرحلة الاستكشاف و التنقيب عنهم) لكن ما عذرنا وقد برزوا أمامنا  من خلال جهودهم الذاتية ونتاجاتهم التي يعتزون بها ليقولوا لنا (هانحن اجتهدنا، فأين أنتم عنا يا أبناء مجتمعنا)، بتخميني:لو قمنا بدايةً بالتشجع والتسهيل لكفى.
مجتمعي العزيز ممثلا ً في أسره وطاقاته ونخبه أهيب بكم الحرص على المساهمة في نهضة بلادنا خصوصا في ظل توفير إمكانات مادية طائلة من قبل المؤسسات الرسمية في وطننا الحبيب، وأن نبذل قصارى العناء في سبيل إبراز المتميزين والمتفوقين في مختلف الأصعدة، ونوجههم للجهات المعنية بالرعاية. ولا ننسى أننا نعيش في عصر الإبداع والترف التنموي، وهيمنة المعرفة ، فمن المفترض علينا مزاولة لمساتنا الإبداعية كمجتمعات، ومن الإبداع المجتمعي: أن يقوم المجتمع باكتشاف وصقل المواهب كي ننطلق من المجتمع الصغير لنصبح واجهة مشرقة للوطن الكبير ونبدأ  خوض مراحل التحضر والإصلاح (الإبداعي) زارعين وحاصدين شخصيات فذة نعوّل عليها الكثير من البناء والعطاء والرقي، ونتأمل منها  الوصول لمنصات التتويج، و المكانات المرموقة. 

علينا ألا ننسى بأن في كل منزل من منازلنا أودع (المبدع) عز وجل، الكثير من المواهب والإبداعات ، فلنعنى ونهتم وننطلق نحو رعايتهم كما ينبغي، لينتج لدينا أبناء لهم باع في القيادة والتفكير الناقد والتخطيط والريادة والابتكار والاختراع، ولنعلن معاً الشراكة فيما بيننا ونستثمر طاقاتنا استثمارا يليق بأتباع أبو المبدعين وسيدهم (الحبيب المصطفى) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام بأنمى وأفضل الصلاة .

عبدالحكيم بن يوسف 1434هـ

بأي كلمة تستقبل شهادة ابنك؟!

بحق ٍ وحقيقة لازال الكثير من الآباء لايجيدون فنون صناعة التعامل مع الأبناء , بِـِيْد أنّ ذلك الفن لا ريب في أنّه من أهم المسئوليات التي ينبغي إجادة إتقانها ,لاعتبارات ٍ كثيرة , أهمها بناء عقليات تتسم بتكامل الكيان الشخصي بشتى جوانبه, لأكبر الكتل البشرية في مجتمعنا...

وبلا شك ٍ تذكرون كما أذكر الأيام المصيرية ذات المحك , في حياتنا الماضية,كأيام استلامنا للشهادات الدراسية في المراحل المختلفة,وكلنا نتذكر جيداً المشهد الأسري لروح التعامل ,وردود الفعل جراء هذا الحدث...فإما وجوه ساخطة عابسة غَبـِرَة ,وإما تشوبها ملامح السرور والبهجة والاعتزاز,وقد ترى في البعض عدم الاكتراث لابهذا الحدث ولاغيره.

منذ عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وحتى وقتنا الراهن, وُلدت تقنيات تربوية كثيرة تساهم في نتوء روح الأمن العاطفي للأبناء والاستقرار النفسي لهم بعيدا عن الاضطرابات المنتشرة في هذا العصر والتي من أهمها (الاحباط)...فينبغي على الآباء التحلي والتوسم بأوسمة ٍ تساعد الأبناء على إحراز الانجازات وتكريس الجهود لحصد شتى الأهداف المَسْعِي لتحقيقها...

فتحقيق هدف الاجتهاد ونيل العلامات الدراسية القيّمة لا يتأتى إلا بالتفاعل الحسي التشجيعي, حتى وإن كانت تلك الشهادة ينقصها الكثير من العلامات التحصيلية... فلربما كلمة مليئة بالتفاؤل يطلقها أحد الأبوين كفيلة بان تدفع ذلك الابن قـُدُما ,وأن تجعل الدافعية تسير في سياق شخصيته, ومن ثمّ تـِباعاً تسير الممارسة بجانب الدافعية ليتحقق الهدف الراقي.

وللأسف الشديد كما قلنا بأن الحبك التربوي يجهل الكثير من الآباء صفـّه وصياغته,فيجهلون بأن ضعف المستوى الدراسي لأبنائهم إن لم يكن بسبب محدودية القدرات الموهوبة بالأصل , فهو حتما نتيجةً ً لضيق الدائرة التربوية والتعامل التربوي من قبل الآباء,فضعف الأبناء الدراسي هو نتيجة لضعف الآباء التربوي...وقبل محاسبتهم ينبغي محاسبة النفس وأداءها.

ومن الأخطاء الشائعة في مجتمعاتنا ربط المستوى الدراسي لأرباب الأسر بمستويات الأبناء الدراسية,وأعتقد بأنه خطأ كبير,فكم من أسرة أميّة التعليم لكنها تحتضن أبناءً مهندسين وأطباء ويشار لهم بالعظمة الفكرية,وكم من أسرة يشار لأربابها بالعلم والمعرفة وأبناؤهم باتوا رفاق الطرقات, وهنا نرجع لنقول بأن فن التربية لايعترف إلا بالاستعداد التوعوي ,لدفع هؤلاء الأبناء إلى بر الإنتاجية , فقضية تزويد الأبناء بحملات التشجيع أمرٌ ضروري في آخر العام , سواء ذلك الابن حاصد لعلامات متدنية,أو كانت تلك العلامات راقية, ويجب عدم غض البصر عن وسائل التكريم لهم بطرقٍ معنوية كالكلمة الجميلة, أو تتمثل بطرق مادية كالهدايا المناسبة, وفي الحقيقة لازال الأبناء يستجدون نداء الآباء في جوانب عدة , من شأنها أن تجعل الأبناء يرقدون على عرش الرحابة الوجدانية والعاطفية, وبالنظر لِلوحة العام الدراسي نجد بأن الأبناء من قريب أو بعيد قد تكبدوا العناء هنا أو هناك , ومسألة تكريمهم لابد منها , و كما قال الرب
العظيم ﴿هـَـلْ جَـزَاءُ الإحْسَانِ إلاَّ الإحْسَانُ﴾.صدق الله العظيم


أ. عبد الحكيم بن يوسف العواس